• ١٩ تموز/يوليو ٢٠٢٤ | ١٢ محرم ١٤٤٦ هـ
البلاغ

السوبر إرهاب

د. محمد رمضان الأغا

السوبر إرهاب
مكثوا دهراً وهم يلصقون بشعب ضعيف مكلوم كلّ تهم الإرهاب؛ وذنب هذا الشعب انّه يبحث عن حريته. انّها الدولة التي تصنع الإرهاب أكداساً مكدسة وتكدسه ليس فقط في أدمغة رعاياها بل في أدمغة العالم كلّه؛ هي الدولة التي قتل قادتها قبل عام واحد فقط وأحرقوا أكثر من خمسمائة طفل بسلاح أمريكي قد خرج لتوه من أحدث المصانع دون سين أو جيم؛ بل بكلّ ما أفرزته شياطين الإنس من حقد وقتل وحرق ودمار تصل هذه الأسلحة لتستهدف أطفالاً وشيوخاً ونساءً فيك يا وطني يا وطن الأطفال والأطهار يا وطن الرضيع علي.

 

فيخرج نتنياهو "إله بني إسرائيل" يتقمص عباءات الإنسانية ويلبس مسوح العابدين ويذرف دموع الزاهدين ليستنكر حرق الرضيع صاحب العام ونصف من عمره؛ في تمثيلية ومسرحية بإخراج مقرف وبطريقة مقززة تنضح اشمئزازا واستهتارا بكلّ الف باءات القيم والأخلاق إن كان لا يزال في قواميس اللغات الإنسانية كلّها بقايا من الشرف أو الكرامة. ولو عقلت اللغات ما يرتكب بمفرداتها من جرائم وكبائر لمسحت من ذاكرتها كلّ مصطلحات القيم والأخلاق خشية أن يتستر خلفها مجرمون وقتلة وطغاة.

 

ويحكم أيها الجبناء تستمتعون بحرق طفل حتى الموت كما تستمتعون بحرق شعب على مدار سبعة عقود دون أن يرمش جفنكم أو ينطق لسانكم ببنت شفة تسترون بها بعض ما بدا من سوءاتكم المفضوحة والفاضحة؛ إنّ علي دوابشه الرضيع الشفيع لم يحرقه مستوطن سرق أرضه واستباح وطنه؛ بل حرقته من قبل ذلك حكومات صهيونية متتابعة كانت تتقرب إلى أصنامها في كلّ دورة انتخابية بقتل الالاف من الزهرات كمثلك أيها العلي؛ بل حرقته أيدي آثمة تمتهن التنسيق الأمني لتحمي زبانية صهيون من غضب المحروقين والمظلومين والمقهورين والمحزونين. حرقته أنظمة تمتهن بعضها يختبئ تحت الطاولة وبعضها الآخر يجاهر بالكبائر غير عابئ بشيئ من كرامة أو حتى بقاياها. حرقه مجتمع دولي يتباكى كلّ ساعة على من يريد ويتناسى من يريد ولعمر الحقّ تلك إذن قسمة ضيزى.

 

لم يحرقك مستوطن مجرم يا علي بل أحرقك عالم ظالم يذرف دموعاً لا نهاية لها إذا كان الضحية من غير دمك أو جنسك يا علي؛ يجتمعون في مؤتمرات قمة ومؤتمرات مؤازرة؛ أما دمك المحروق يا علي فلا بكاء منهم عليك ولا عويل ولا دموع؛ ولا مؤتمرات ولا مؤازرات ولا مجلس الأمن ولا الفصل السابع ولا الجنايات ولا حقوق الإنسان أو حتى حقوق النسيان؛ علي رويدك قليلاً... لا تسرع نحو الجنة عصفوراً بريئاً طاهراً نقياً ملاكاً كريماً يرتدي ريشاً من حرير يتألق فيه كما البدر في تمامه...

دعنا نحدق في عينيك يا أجمل العيون؛ دعنا نحدق في وجنتيك يا أجمل الوجنات؛ دعنا نحدق في جبين يا أجمل جبين في أعظم أرض طيبة مباركة؛ دعنا نلامس أناملك الغضة حريراً ما أنعمه؛ دعنا نتأمل عظمتك والنار الحاقدة تأكلك وتشوي جسدك الملائكي وتقول بلسان الحال ويعلو صوتك في كلّ الأرجاء وكلّ الأكوان: بأي ذنب أحرق؟

 ذنبك يا علي أنّك شبل قد رضع الكرامة فخوفت كلّ الجبناء منك؛ ذنبك يا علي أنّك ولدت على أرضك لتحيا عليها وتقاومهم برائحة الشواء تتطاير من كلّ شبر بل كلّ ذرة من ذرات وطنك الغالي من قدسك التي قدستها وأنت لم تزل في عالم الغيب فجئت إلى عالم الشهادة بطلاً مقداماً يصنع التاريخ ويركل بقدميه حقبة من تاريخ العار يصنعه أهل العار لتفتح صفحة جديدة من سفر التاريخ: فلقد علّمنا التاريخ أنّ الحياة بلا كرامة ليست بالحياة... انّما الحياة لمن يصنع الحياة فيستحق الحياة...

إنّ قمة الإرهاب أن تقتل طفلاً بريئاً... لكن أن تحرقه وتستمتع برائحة حرق جلده بسكوتك على هكذا جريمة... فبعد لم يوجد في قواميس لغات الكون كلمة تصف هكذا عمل شائن مشين شانئ مشنوء.

ارسال التعليق

Top